المنتدى العاشر للأقليات بالأمم المتحدة - جنيف، 30 نوفمبر - 1 ديسمبر
البند ٢ التعليم لتمكين شباب الاقليات
مداخلة: الأهوازيون وقوميات إيران والحرمان من لغة الأم والخطاب العنصري في المناهج
سيدي الرئيس،
السيدات والسادة،
كما هو معروف فإن إيران بلد متنوع الأعراق والثقافات واللغات والديانات لكن الاقليات تعاني من تمييز وتهميش واضطها مزدوج خاصة في مجال التعليم حيث ان النظام الحاكم يفرض لغة واحدة كلغة رسمية وهي الفارسية ومناهج موحدة تركز على الأدب والتاريخ والثقافة الفارسية وتلغي حق باقي اللغات والثقافات للقوميات الأخرى كعرب الأهواز والكورد والبلوش والتركمان والاتراك الأذريين وغيرهم. اما المعضلة الأخري فهي تكمن في تضمن المناهج الدراسية في ايران بخطاب معادي للاقليات خاصة ضد العرب والأتراك والمسلمين السنة والصابئة المندائيين.
إن فرض الغة الفارسية على الاطفال العرب والأقليات الأخرى منذ الحضانة والروضة والمدارس الابتدائية وحرمانهم من التعلم بلغتهم الأم يترك عليهم أثارا سلبية تبقى تؤثر على كافة حياتهم حيث يتخلفون من اللحاق باقرانهم من القومية الغالبة وبالتالي ارتفعات نسبة الرسوب الدراسي حيث وفقا للاحصائيات التي اجراها باحثون، فإنه بسبب الحرمان من لغة الأم، ارتفعت معدلات الانقطاع عن الدراسة لدى الطلاب العرب في الاهواز بسبب غياب التعليم بلغتهم الاصلية حيث ان نسبة ترك الدراسة لدى طلاب الاهواز تبلغ 30% في المرحلة الابتدائية و 50% في المرحلة الاعدادية و 70% في المرحلة الثانوية. لقد ذكرت التقارير بان معدلات الأمية تفوق 50% من السكان العرب الاهوازيين. ﻭﻋــﻼﻭﺓ ﻋﻠــﻰ ﺫﻟــﻚ ﺃﻥ ﺍلمنشورات ﻣﺜــﻞ ﺍﻟــﺼﺤﻒ ﻭﺍالمــﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ محظورة.
وأطلق الأهوازيين العرب وباقي القوميات كالأتراك الآذريين والأكراد والبلوش والتركمان وغيرهم في إيران، حملة على مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي للمطالبة بالسماح للأطفال للتعليم بلغة الأم بالتزامن مع بدء العام الدراسي في ايران في 23 سبتمبر / أيلول.
يحرم أطفال عرب الأهواز وسائر الأقليات القومية من التعلم بلغتهم الأم، وعليهم البدء بالدراسة باللغة الفارسية وهي اللغة الرسمية الوحيدة المفروضة على جميع القوميات بموجب الدستور الذي يهمش كافة اللغات غير الفارسية، بل أن السلطات تعتقل نشطاء الحقوق الثقافية. وفي مايو الماضي، حكمت الشعبة الرابعة لمحكمة الثورة الإيرانية في مدينة الأهواز، برئاسة القاضي بور محمدي، على 3 ناشطين مدنيين وهم كل من: عيسى دمني، ومجاهد زرقاني، وحسين حيدري، بالسجن لمدة عام واحد لكل منهم، وذلك بعد اتهامهم بتهم واهية كـ"الدعاية ضد النظام الايراني وتشكيل مؤسسات غير مرخصة" وذك لمجرد قيامهم بأنشطة ثقافية منها تدريس اللغة العربية في معهد خاص لتعليم اللغات بالاضافة الى انشاء مؤسسة خيرية تعني بمساعدة الاطفال الفقراء لاكمال تعليمهم.
سيدي الرئيس،
بالرغم من أن وثيقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو 2030 التعليمية، والتي تهدف إلى ضمان توفير فرص تعليم متساوية للجميع، تلزم الحكومات الموقعة عليها بتعليم لغات القوميات، لكن الحكومة رفضت التصديق عليها بضغط من الجهات الشوفينية في ايران وعلى رأسها " مجمع الأدب واللغة الفارسية " الذي يصر على منع تدريس لغة الأم في المدارس، بحجة أن ذلك سوف يؤدي مستقبلا إلى " إضعاف اللغة الفارسية".
سيدي الرئيس،
تزخر المناهج التعليمية في إيران، خاصة في مجالي الأدب والتاريخ بالخطاب العنصري المعادي للأقليات القومية والدينية خاصة العرب والأتراك أو المسلمين السنة وهي قضية قديمة تعود الى تسعة عقود منذ نشوء حكم الشاه رضا بهلوي في عشرينيات القرن المنصرم الذي اعتمد على مركزية العرق الفارسي ولغته وثقافته وتاريخه على حساب باقي الشعوب والقوميات والأقليات في الجغرافيا الايرانية. لكن النظام الحالي استمر على نفس المنوال ما تسبب في انتشار الكراهية والاحتقار ضد الاقليات وثقافاتهم.
كما تشوه العديد من كتب التاريخ المقررة بالمناهج الايرانية في المدارس وحتى الجامعات حقيقة وتاريخ الاقليات حيث تعرف الانسان العربي مثلا على أنه " همجي غازي بدوي غير متحضر".
وفي مجال الأدب الفارسي على سبيل المثال لا الحصر، تنتشر أشعار أبو القاسم فردوسي، صاحب ديوان "الشاهنامه" أي " رسالة الملوك" والتي يعتبرها الفرس من رموزهم القومية لكنها تزخر بأبيات تشتم العرب وتحقرهم مقابل تعظيم الشخصية الفارسية.
أما الأدب الايراني الحديث خاصة بمجال القصص والروايات فيقدم الانسان العربي على أنه أساس كل بلاء لحق بإيران ويحمّل العرب أسباب تخلف إيران الحضاري والثقافي بسبب دخول الاسلام الى ايران، كما يزعم العديد من الكتاب القوميين، الامر الذي أدى الى تنشئة أجيال مشبعة بالكراهية والتعالي القومي وتحقير الاقليات.
سيدي الرئيس،
ان منظمة حقوق الانسان الأهوازية توصي وتطالب بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بحق تعلم الشعب العربي الأهوازي وسائر الأقليات غير الفارسية في ايران بلغاتهم الأم وهو حق المثبّت في العديد من المواثيق الدولية لا سيما البندين الثالث و الرابع للمادة 4 من اعلان حقوق الخاص المنتمين الى الأقليات القومية واللغوية والدينية ( القرار رقم 47/135 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1992 والمادة 30 من ميثاق حقوق الاطفال ( الصادر عن لجنة حقوق الاطفال) والمادة 27 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية (الصادرة في 16 ديسمبر 1946 ) عن الجمعية العامة للامم المتحدة.
كما تجب على الحكومة الإيرانية باعتبارها موقعة على جميع هذه القرارات و المواثيق على " تنفذ هذا المشروع دون قيد أو شرط لاسيما وإنها تجمد منذ 37 عاما تنفيذ المادة 15 من الدستور الايراني التي تنص على حق التعليم بلغة الأم لجميع الأقليات غير الفارسية".
ومن أجل مكافحة العنصرية بالمناهج يجب على الحكومة اتخاذ اجراءات رادعة لكل من يروج للخطاب العنصري وحذف الفقرات التي تنشر خطابا معاديا للقاليات من المناهج، وعلى نواب البرلمان تقديم مشروع قانون يجرم العنصرية ويمنع الإساءة للشعوب والاقليات في إيران .
ختاما، ما تتعرض له الاقلية العربية باقليم الاهواز في ايران لا يقتصر على التعذيب الشديد في السجون ضد الشعراء والمثقفين والنشطاء فحسب، بل يمكن ان تتطور الامور الى الاعتداء على كل عربي في ايران وربما وقوع مجازر ضدهم اذا تطورت هذه الموجة العنصرية اكثر فاكثر واذا لم يحد منها العقلاء في الطبقة السياسية الايرانية وما لم تتخذ الحكومة اجراءات مناسبة تعهدا بالزاماتها الداخلية والدولية تجاه حماية الاقليات من الاضطهاد والتمييز.
كما نطالب بالضغط على السلطات الايرانية من أجل السماح للمقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الانسان في إيران، السيدة عاصمة جهانغير، بزيارة البلد والاطلاع على أوضاع حقوق الانسان المأساوية خاصة في مناطق الاقليات القومية والدينية في إيران.
