أكد ناشطون لمنظمة حقوق الانسان الأهوازية أن العدد الاجمالي للمعتقلين أثناء " انتفاضة العطش" في المحمرة ومدينة عبادان القريبة منها بلغ 125 شخصا يتم احتجازهم لدى قوى الأمن الداخلي وجهاز وزارة الاستخبارات الايرانية بتهمة التظاهر احتجاجا على انقطاع مياه الشرب.

وكانت الاحتجاجات قد انطلقت في المحمرة ومن ثم في عبادان و أعقبتها تظاهرات تضامنية في الأهواز وخور موسى ومعشور للتنديد بالقمع المفرط للمحتجين على أزمة المياه.

وتفاقمت أزمة المياه المستمرة منذ أكثر من عقدين في 3 ابريل الماضي، عندما اعلن الاعلام الايراني ان ماء شرب عبادان ازادت ملوحته و أعلنت السلطات المحلية بأنها سوف ترفع المشاكل ولكن لم تصدق الوعد بل ما حدث هو العكس حيث أصبحت المياه ليس غير قابلة للشرب فقط بل غير قابلة للاستخدام في الغسيل والاستحمام. وفي 6 يونيو 2018 أصبح ماء المحمرة شديد الملوحة بشكل غير مسبوق و ذلك بشهر رمضان و بظل الحر المتزايد بالإقليم.

وفي هذه الفترة تم منع الزراعة الصيفية في كافة انحاء اقليم الاهواز لا سيما زراعة الأرز.

ثم في 15 يونيو 2018 (اول يوم عيد فطر ١٤٣٩) أصبحت مياه عبادان والمحمرة غير صالحة للشرب بتاتا و بحيث لا تنفع حتى للغسيل منذ هذا اليوم الكثير من المصافي المنزلية تعطلت و كذلك المصافي التجارية المنتشرة على السطح المدن بحيث باتت لا يمكنها تحلية المياه فمن لم تتعطل مصفاته، أطفئها بهذا الوقت ارتفع سعر المياه الصافية إلى 50 ألف ريال إيراني (حوالي 50 سنت) للبرميل ذات سعة 20 ليتر بعد ان كان نفس البرميل سعره 5 آلاف ريال إيراني. غلاء سعر المياه وصعوبة الحصول عليه ادخلت الناس الى حالة من الاحتقان الشديد هذا بظل البطالة المتفشية و الفقر الشديد و التمييز المتعمد الذي يتعرض له أبناء الاهواز عموما و المحمرة وعبادان خصوصا.

في أواخر شهر يونيو بعد انتهاء فترة ايام عيد فطر بدأت تخرج مظاهرات متفرقة بمدينة عبادان ثم اصطف الناس 25 يونيو بالمحمرة و عبادان في طوابير طويلة للحصول على القليل من المياه الصالحة للشرب و الغسل. ولم تتخذ السلطات المحلية و كذلك بالإقليم اي خطوة للحد من الأزمة المستفحلة و بل إنها حتى لم تهتم لشكاوى الناس.

انطلقت يوم الخميس 28 يونيو مظاهرات محدودة للمواطنين في عبادان لكن لم يهتم أي مسئول لذلك.  أما في يوم الجمعة يونيو، تجمهر الناس بالساحة المقابلة لمسجد الجامع و‌ذلک کان حوالي الظهر بهذا المسجد تقام صلاة الجمعة والناس استقبلت إمام الجمعة بهتافات منددة وقالوا له بان صلاتك باطلة لأنه طلب منهم فض الاحتجاج لكن لم يمتثلوا لكلامه.

وعند ما ألقى خطبته أهان المتظاهرين وووصفهم بـ " الجهلة وقليلي الفهم و الأوباش" حيث ان هذه الكلمات زادت الاحتقان فاستقبلوا القائم مقام حياتي بشعار "استقيل" و لا نريد مسئول "دون كفائة" وكذلك أطلقوا شعار "باسم الدين باگونا (سرقونا) الحرامية". هذا الشعار أثار حفيظة السلطات ولا سيما مندوب المحمرة بالبرلمان الايراني "عبدالله ثامري" وهو أصولي متشدد مقرب من النظام، والذي وصف تصريح صحفي المتظاهرين "بالأوباش" حيث اتفق المتظاهرون على التجمع بمركز المدينة تقاطع مطهري او المسمى شعبيا "فلكة الله"  وذلك عصر الجمعة انتهت المظاهرة دون أي صدامات.

أما يوم السبت مساءا 30 يونيو تجمع الناس بتقاطع مطهري ( مركز مدينة المحمرة) حضرت قوات الحرس الثوري وميليشيا البسيج وبدأت تهاجم المتظاهرين وأنهالت عليهم بالضرب بالهراوات وخلال ساعات معدودة أصبحت شوارع المحمرة ساحة اطلاق الرصاص والغازات المسيلة للدموع وهرعت قوات الشرطة و الامن الى المكان.

وأظهر مقطع فيديو اطلاق نار كثيف من قبل قوات الامن تجاه المتظاهرين العزل والسلميين. بعد ذلك أحرق المتظاهرون الغاضبون من القمع بعض الاطارات والشجر الذي كان يختبئ خلفه بعض عناصر الأمن الذين كانوا يطلقون الرصاص باتجاه المتظاهرين.

كذلك استقر القناصة على المباني العالية بمركز المدينة، بدأوا يطلقون الرصاص العشوائي لتفريق المتظاهرين. واطلق احد القناصة الرصاص على راكب احدى الدرجات النارية وأسقطه على الأرض. ثم سيطرت قوات الأمن على المدينة واعتقلت الكثير من المتظاهرين بعد ساعات من فض الاشتباك تجمع ذوي المعتقلين الذين معظمهم من الشباب حول مركز الامن الواقع بقرب تقاطع مطهري.

وفي 1 يوليو أغلق مركز المدينة (تقاطع مطهري) من الأربع جهات بحواجز كونكريتية ضخمة و بدأت حملة اعتقالات واسعة تم ايضا اعتقال الجرحى الذي يصل عددهم إلى حوالي العشرين شخص انتشر خبر عن سقوط قتلى وجرحى لكن لم يتسنى التأكد من التفاصيل.

وأكد شهود عيان لمنظمة حقوق الانسان الأهوازية كانوا مشاركين بالأحداث ان قوات الامن قمعت بعنف مفرط عدة تجمعات خرجت مدن الاهواز و خور موسى دعما لانتفاضة المحمرة و اعتقل ثلاثة او اربعة ناشطين من الاهواز.

وقال مصدر يعمل في محكمة المحمرة لمنظمة حقوق الانسان الأهوازية تم استبعاد جميع القضاة العرب عن ملفات المعتقلين و تم تحويلها الى قاضي غير عربي كان من موظفين الاستخبارات في ما مضى. ثم استدعى القائم مقام والأمن بعض شيوخ القبائل بمبنى القائم مقامية و صورا الجلسة و أعلنت الشيوخ عن تأييدها للنظام و شجبها المظاهرات والمتظاهرين.

في 2 يوليو، اعتقلت قوات الأمن بعض الذين كانوا يصورون الاحداث بالمحمرة لاسيما الأشخاص الذين كانوا يبثون عبر الانستغرام بشكل مباشر كذلك دخلت المحمرة قوات أمن مدججة بالسلاح والاليات والدراجات النارية السريعة و قاذفة قنابل مسيلة للدموع من الاهواز.

وقال ناشطون أن قوات خاصة جلبتها السلطات الايرانية من مدينة خرم آباد بإقليم لورستان لكي يتم إسناد العناصر الأمنية المتواجدة بمدينة الاهواز أو سائر مدن الإقليم خوفا من اندلاع احتجاجات هناك وعدم إمكانية الردع،

في نفس اليوم حصل تجمع صغير بمركز مدينة المحمرة لكن قمع بشدة من قبل راكبي الدراجات من عناصر الأمن الداخلي، حيث انتشرت دعوة لتجمع عوائل وذوي المعتقلين مساءا امام قائم مقامية المحمرة.

وبالاضافة الى ازمة المياه والتلوث البيئي، تعد نسب البطالة في المحمرة وعبادان بالرغم من وجود الموانئ والمصفاة النفطية العملاقة و شركات صناعية اخرى عالية جدا، وتصل نسبة البطالة الى حوالي 50٪ حسب تصريح غلام رضا شرفي أحد مندوبي عبادان بالبرلمان الايراني وهي حوالي اربعة أضعاف نسبة البطالة في ايران عموما.

واستمرت السلطات حملة اعتقالات عشوائية في كافة مدن الإقليم بحيث بلغ عدد المعتقلين الإجمالي 125 معتقلا وتتجمع عوائلهم يوميا أمام المحاكم والمراكز الامنية ودوائر الشرطة لمعرفة مصير ابنائهم لكن دون اي جواب او ايضاحات من السلطات ما يزيد القلق حول مصير المعتقلين.

وأفاد ناشطون لمنظمة حقوق الانسان الأهوازية إن المعتقلين يتعرضون للتعذيب الشديد جسديا ونفسيا في زنزانات الاستخبارات الايرانية من اجل انتزاع اعترافات قسرية منهم بارتكاب أعمال شعب رغم أنهم تظاهروا سلميا من أجل حق الناس للحصول على المياه الصالحة للشرب والغسيل.

كما أن أجهزة النظام الدعائية تبث اخبارا ملفقة تتهم فيها المتظاهرين بارتكاب اعمال شغب وذلك بهدف تبرير عنف القوات الامنية وإطلاقها النار على المدنيين والمحتجين السلميين.

إن المنظمة اذ تدين هذا القمع الوحشي تطالب بالافراج عن كافة المعتقلين فورا ودون قيد او شرط واحترام حق التظاهر السلمي وتدعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للضغط علي النظام الايراني لوقف القمع والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان خاصة ضد الأقليات التي تطالب بحقوقها الأساسية وعلى رأسها حق الحياة وحق الحصول على متطلبات العيش الكريم، خاصة وأن الشعب العربي الاهوازي يعيش على بحور من النفط لكنه من أفقر الشعوب في إيران في ظل سياسات التطهير العرقي المتبعة ضده من قبل الحكومة المركزية.


منظمة حقوق الانسان الأهوازية

6 يوليو /تموز 2018