منظمة حقوق الانسان الاهوازية

أسباب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في ايران وآفاق استمرارها

خليل حميد - ناشط أهوازي
إن ما شهدته إيران خلال الأسابيع الأخيرة من إحتجاجات والذي إستمرت بأشكال مختلفة خلال اليام الماضية كانت نتيجة تراكم أزمات إقتصادية و معيشية والبطالة وتفشي الفساد و إفلاس بعض البنوك مما أشعل فتيل هذه المظاهرات التي خرجت بداية في مدينة مشهد الدينية و من ثم مدينة كرمانشاه . و كانت من ضمن الشعارات المرفوعة من قبل المحتجين الموت لروحاني و شعارات ضد الفساد و البطالة و الأزمة المعيشية و لكن سرعان ما أتسعت رقعة هذه الإحتجاجات العفوية إلى قرى و مدن إيران من شمالها إلى جنوبها و من غربها إلى شرقها كما شارك فيها كل أطياف المجتمع الإيراني من العمال والفلاحين والخريجين الذين لا يتوفر لهم فرصة عمل والجيش من العاطلين عن العمل و عامة الناس الذين بأوا لا يطيقون الغلاء المعيشي و الوضع الإقتصادي السيء و سرعان ما تحولت شعارات هذه الإحتجاجات و التظاهرات لشعارات سياسية بحتة مستهدفة قلب النظام الإيراني ك شعار الموت للديكتاتور و الموت لروحاني و أيضا مطالبة بتغيير النظام من خلال شعار الجمهورية الإيرانية و لا للجمهورية الإسلامية .
و الميزة التي أتسمت على هذه الدورة من المظاهرات المستمرة منذ سنوات بنفس الدوافع وغيرها ويمكننا مقارنة هذه الإحتجاجات بالإحتجاجات السابقة كالإحتجاجات و التظاهرات الثورة الخضراء في عام 2009 التي كانت بعد الإنتخابات الرئاسية التي فاز بها بالنهاية أحمدي نجاد على منافسه موسوي بعد تدخل المرشد خامنئي و وقوفه بجانبه و كان قد أحتج مناصري موسوي التيار الإصلاحي في الشوارع و لكن قمع بالحديد و النار و بالآخير وضع مير حسين موسوي و كروبي قياديي هذه الثورة الخضراء تحت الإقامة الجبرية .أولا أنها كان لها قيادات من داخل النظام و كانت لها أهداف محددة لإصلاح النظام من داخل النظام ولكن سمة هذه المظاهرات اليوم التي سميت ثورة الخبز و العمل و الحرية هي العفوية و الكثافة و الوسعة الإحتجاجات لتصل لأكثر من 100 مدينة إيرانية مشاركة فعالة و مؤثرة .
و أشير هنا إلى من هي أهم المدن أو القوميات المشاركة فيها حيث إنطلقت هذه المظاهرات من مشهد شمالاً و شرقاً و من ثم أنتقلت غرباً كرمانشاه و بالتالي إلى الجنوب وشارك فيها كل القوميات من الفرس و العرب و اللر و الأكراد و الأتراك و البلوش و لكن كان للعرب و اللر دور الأبرز فيها و قدمت هذه المدن شهداء و في مدينة درود التي سقط 6 من إبنائها شهداء في الإحتجاجات التي قوبلت بالنار والحديد من قبل القوات الأمنية و رافقتها نزول قوات ضد الشغب من الشرطة و الإستخبارات و القوات النخبة و الحرس الثوري بلباس مدني و أيضاً قوات البسيج مما زاد قمع هذه الإحتجاجات بشكل دموي وألذي سبب في قتل أكثر من 22 شخصاً وإعتقال الألآف من المواطنين وبالتالي أدى إلى غلق الشوارع و الساحات و اإنتشار القوات الأمن فيها بكثافة و بالتالي خفض إعداد المتظاهرين تزامناً مع قطع الإنترنت و حظر الوسائل التواصل الإجتماعي و منها تطبيق تلغرام و إنستغرام أدي إلى عدم وصول الأخبار و صور و مقاطع الإفلام هذه الإحتجاجات إلى الإعلام الخارجي و رغم هذا حاول الكثير نشر الدعوات العامة للتظاهر من خلال الملصقات التي تحتوي على مكان وزمن الإحتجاج إلا أن مع مرور الوقت و عدم وجود الإنترنت إدى إلى خفض الإحتجاجات و تغيير طريقة الإحتجاجات دليل واضح على هذا الكلام.
و جاءت مشاركة العرب و اللر بشكل كبير في الإحتجاجات و ذلك من خلال المشاهد و الفلام التي وصلت وكالة الانباء الإيرانية و العالمية و هذا أن دل على شيء فأنه يدل على تردي الوضع الإقتصادي و المعيشي وتفشي البطالة في هذه المدن أكثر بكثير من غيرها من المدن الإيرانية حيث نسبة البطالة لدى شباب العرب مثلاً أكثر من 40% في المدن و هذا رقم كبيرجداً مقارنة بالمدن الأخرى من القوميات الأخرى و شاركت كل من المدن إيذج و باغملك و مسجد سليمان و تستر و الأهواز و الفلاحية و عبادان و المحمرة و رفعت شعارت إسقاط النظام و طالبة بالحرية و المساواة.
و من السمات الأخرى لهذه الإحتجاجت المشاركة الواسعة لفئة الشباب العمرية دون 30 سنة إذ شكلت 90% من عدد المعتقلين وإذ يشكلون جيلاً جد يداً و الذي لم يشهد أحداث الثورة الإسلامية في عام 79 و أيضاً لم يستوعب أحداث ثورة الخضراء عام 2009 إذ كان هؤلاء في عمر أقل من15 سنة في حينه و لم يكن لديه الوعي الكافي لإستيعاب هذه الأحداث و بالتالي القدرة على أخذ القرار و المشاركة في الواقع السياسي في إيران و يبدو أن هذا الجيل الصاعد لا يقبل و لا يرضخ للحكم الملالي الشمولي و لا يقبل بالديكتاتورية و سيبقى يحاول أن يكسر الحواجز و يغير بالواقع لو طال الزمن و جيل شاب يطمح للتغيير و لا يقبل بالوضع الموجود طواق للحرية و العدالة و الحياة الكريمة والإحتجاجات الأخيرة كانت خير دليل على هذا الكلام .
و لكن رغم كل هذا القمع المفرط و إعتقال الألآف و ملأ الشوارع بالقوات الأمنية و الإغلاق كل المنافذ الحياة و إيضاً مراقبة خطوط الهواتف و النقالات و القيود الشديدة المفروضة على الإنترنت و وسائل الإجتماعية تمكن النشطاء في الداخل و بمساعدة شباب الخارج من محاولة كسر هذا الحصار وإيصال أصواتهم إلى العالم الخارجي من خلال كسب مشروعية لهذه الإحتجاجات و التظاهرات من خلال نشر الأخبار و الصور و الأفلام إلى القنوات الأخبارية الصوتية و المرئية و المكتوبة و نقلت أغلب القنوات الفضائية أخبار هذه التظاهرات لحظة بلحظة و تابعت كل التطورات و لحد الآن و هذا يدل على أهمية و ثقل هذه الإحتجاجات على العالم بأسره و جلب المزيد من التعاطف إذ كان الموقف الأمريكي سباقاً و مطالباً الحكومة الإيرانية بإعطاء المواطنين الإيرانيين الحق بالتظاهر السلمي و إيضا ً الحق بإستخدام الوسائل التواصل الإجتماعي للتعبيرعن مطالباتهم و إقيمت جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقضة الوضع الأمني في إيران في مجلس الأمن يوم 5 ينايرمن هذا العام بطلب الأمريكي و هذا يعتبر دعماً إضافياً للمتظاهرين و مطالباتهم في تغيير النظام بشكل السلمي.
بعد أكثر من ثلاثة أسابيع اعتقد بأن هذه الإحتجاجات لن تتوقف على المدى المنظور بل إستمرت و أخذت أشكالاً مختلفة كالإضرابات العمالية للشركات الحكومية و الخاصة و منها إضراب العمال في عسلوية و إيضا إضراب عمال شريكة قصب السكرفي سبع تلال(هفت تبة) و شريكة هبكو في أراك و إضرابات عمالية في إصفهان و طهران و غيرها من المدن و أيضا نوع آخر من الإحتجاجات وهي كتابة شعارات على الجدران في المدن ومنها شعار الموت للديكتاتور التي أصبح يتدوال هذا الشعار بكثرة على وسائل التواصل الإجتماعي و أيضا رفع شعار الإستفتاء على شكل النظام الحالي و المطالبة بنظام حكم عادل و ديموقراطي لمستقبل إيران يضمن الحرية و العدالة و الكرامة لكافة مكونات الشعوب في ايران.